إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

رسائل حُب ٍ لا تنتهي ...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    السذاجة بعين النقاوة هي البراءة ، ظاهرها كباطنها كقطرة المطر، من نظر الى سطحها أبصر قلبَها،

    ليست كما ظنتها التي أقطبت جبينها عندما فهمت معنى الساذج بالمعنى الدارج فرأت مظهره ولم تُبصِر جوهره.

    تعليق


    • #17
      هي مشغولة بعين السماء ونظراته ..
      تتمنى أن تُزال عن الروح شوائب الخطايا فتُبصرها كالقطرات نقية صافية

      لأن هذه
      النظرات وحدها تُزكي الانفس .

      ولا تدري بعين النقاوة ونظراته ، لإنها كما تغضّ بَصرها عنهُ ،غضّت طرف بصيرتها عن جوهره .
      لهذا ليس أمامها إلا كلِمات تُحلّق تارة بمعاني سماوية ، وتارة بمعاني تُرابية.

      فأقطبت جبينها لإنهُ يُرصف مع الطيبة سذاجة .

      تعليق


      • #18

        (9)
        قال لها : عندي عملٌ كثير ، ولكي لا تُقاطعيني فيه بِمُزاحك مرة ، وبحديثك عن فكرةٍ مرة أخرى فأفقد تركيزي في العمل ، سوف أعطيك شيء آخر تُحبنه غيري.
        قالت لهُ: ما هو هذا الشيء ؟!
        أخرج من دُرج مكتبته قلم وورقة ، واخذ حاسبة ووضعها بقربها وقال لها :
        الكتابة والنشر.
        ثم ضحك وقال: سوف أدونها كوصية للرجال
        ( لتنشغل المرأة عن حُبك قليلا ، أعطها شيء تُحبه كثيراً)
        قالت لهُ: كُن أول المُجربين لوصيتك ولنرى مفعولها أولاً ثم قُلها لهم .
        وساد الصمت في المكتب ، لا يقطع سكونه ألا صوت تمزق الأوراق وسقوطها على الأرض
        رفع رأسه أليها وقال : تركيزي تلاشى ، مع كثرت ما تُمزقين من أوراق؟!
        هل أساعدك في شيء
        ابتسمت وقالت لهُ: كلا ، لأن وصيتك عندها سينتهي مفعولها عند حدود المكتب .
        قال لها : حقا لِما مزقتي كُل هذه الأوراق ؟!
        قالت لهُ: علي انتقاء جمل وكلمات ، لا تجعل القارئ لها يدخل في بحر المُخيلة فيُحملّها قصداً غير المقصود منها ، فلا يلتفت ألا لقصد واحد هو الإصلاح في المجتمع بأسلوب أدبي وليس بشكلٍ نثري تقليدي .
        قال لها : لم افهم قصدك ؟!
        قالت لهُ: بدلا أن اكتب قراءة الكتب تجعل المرء يعيش ألف حياة بدل حياة واحدة
        اكتبها بصورة أدبية كحوار بين اثنين لأبين أهمية قراءة الكتاب ، ثم أبين من القارئ الحقيقي للكتب، هذا أولا ، وثانيا : أن الحوار بين اثنين يهدف إلى أهمية التركيز أوأحياء الجانب الروحي والفكري ، لا الترابي فقط لأن فيه يتحقق الاستقرارالحقيقي دون أن تؤطر الصور حتى كل قارئ يستفاد منها حسب الحالة التي هو فيها ( عُزاب مُقدمين على مشروع زواج ، مخطوبين ، متزوجين ) لأن الأمور المادية لا يُمكن أن يُقام عليها بنان رصين كبنيان الأسرة و الجوع والعطش المادي ينتهي عند الشبع والارتواء ، ولكن الجوع والعطش الروحي والفكري والعاطفي يبقى ، وينعكس على الأسرة بأكملها ، وهذه من اكبر المشاكل غير الملتف إليها من قبل الكثيرين ، ، وتركهُ في الغالب يؤدي أما إلى عدم الانسجام أو إلى الخيانة الزوجية .
        قال لها : ولما أنتي مُهتمة في انتقاء الكلمات والجمل؟!
        قالت لهُ: المرأة في خروجها للكلية ، أو للعمل ، أو مشاركتها في شبكات التواصل الاجتماعي يجب أن تكون حريصة على أعطاء الصورة الحسنة والجيدة، مُلتزمة بالضوابط الشرعية فيها ، مُبتعدة عن ما يمس كرامتها وأخلاقها وعفتها لأن أي خطأ سوف تُحرم الفتيات الأخريات مِن قبل الأباء والأزواج من التعليم والوظيفة والمشاركة بسبب تلك الصور السيئة ، ويساورهم الشك في بقية النساء المُرتادات لتلك الأماكن، أوقد تؤدي بعض التصرفات إلى تفكك أسرة كاملة بسبب الخيانة ، أو انحراف الشباب عندما يقبلن بعناوين مُبتذلة مثل الحبيبة والعشيقة .
        جلس بقربها وقال لها :
        أن الوالدين عندما يربوا أولادهم على الرقابة الأهلية فقط ، فأنهم قد ينحرفوا ما أن يبتعدوا عن تلك الرقابة خاصة إذا كانت التربية تربية من النوع ألقسري ، أما إذا ما زرعوا في أولادهم الرقابة الإلهية ، سوف يكونوا حريصين على عدم الوقوع في الخطأ عندما يكونوا بعيدين عن الأهل لأنهم يعلموا أن الله موجود معهم لا تأخذه غفوة أو نوم ، وأن خطئوا استغفروا واستقاموا.
        نظر اليها بمحبة وقال لها:
        لهذا السبب لا أخشى عليكِ في أي مكان تتواجدين فيه يا عزيزتي .
        وقالت لهُ مُبتسمة :
        أكمل عملك واترك وصيتك للرجال جانباً.
        ضحك ، فأخذ الورقة والقلم منها وقال لها : التزمي الصمت لحين أكمال عملي .

        تعليق


        • #19
          (10)



          قال لها : أنتبهي ، حتى لا تضيعي منّي ..
          قالت لهُ : لن أُضعيك أبداً .
          قال لها وهو يضحك : وهل أنتِ زرقاء اليمامة !
          قالت لهُ: استطيع أن اتعرف على وجه روحك ، من بين وجوه البشر ،

          لإني عندما أخترتك ، غضّيتُ طرفي عن وجهك ، وبحثت عن وجه روحك .

          واستطيع أن أميز واحة فكرك عن بقية الواحات ،
          لإني لم اسئلك يوماً عن أموالك وما تملك ،

          بل سألتك ما جعل روحي تتذوق ثمار شخصيتك .

          واستطيع أن انصت لصوت قلبك مِن بين كُل القلوب النابضة، لإن نبضاتهُ تزداد كلما أقترب منك عطر قلبي .

          أبتسم لها وقال : لم تتركي لي شيئا لإقوله .

          تعليق


          • #20
            (11)
            قال لها : اخافُ عليكِ
            قالت له ُ: ابداً لا تخاف .
            قال لها : انتبهي أن للورد شوكاً
            قالت لهُ مُبتسمة : أن للشوك ورداً.
            قال لها : في القلوب ظلام .
            قالت لهُ : خلف الظلام فطرة النور .
            قال لها وهو قلق عليها : سأبدل عينييك البريئتان ، لأنها سبب كُل الالم .
            قالت لهُ مطمئنة : نألم كما يألمون ولكن الفرق في النية ، نألم لله ، ويألمون لأنفسهم .
            قال لها : لا يُخدشك الشوك .
            قالت لهُ : المؤمن لا يُلدغ من نفس الجحر مرتين .
            قال لها : لا تُشركي في الله
            قالت لهُ: القلب حرم الله .
            قال لها : سيري في الحديقة يرعاك الله
            قالت لهُ : ويرعاك الله
            قال لها : ماذا وجدتي ؟!
            قالت لهُ : ظلام
            قال لها : ألم اقول لكِ!
            قالت لهُ مبتسمة : لا زال هناك رمق حياة ، لا زال انفاس توبة صادقة يمكن ان يتنفسها .
            قال لها مبتسماً : من يملك جوهرة لا يخاف أن يُقال عليها جوزة ، وأنت جوهرتي ما حييتي .

            تعليق


            • #21
              (12)
              قال لها : لِما أنتِ مُندهشة ؟!
              قالت لهُ: كنتُ ارى نقطة سوداء في وسط بياض الورقة .
              قال لها : والان ؟!
              قالت : ارى نقطة بيضاء في وسط سواد الورقة
              قال لها ضاحكاً : هل بدلتي عينيك البريئتان ؟!
              قالت لهُ مبتسمة : كلا ، فالبياض لا زال لعيني ، والسواد لعينيه
              قال لها : لِما أنتِ مذهولة ؟!
              قالت لهُ : لا اعقل وجود بشراً يقضي ردحا مِن الزمان ينسجُ شباكاً ليوقع الاخرين ،
              ولا يقضي ذلك الزمان ينسجُ شباكاً لنفسه ليقع في التوبة
              قال لها : مُبتلى
              قالت له: مجنون
              قال لها : ما الفرق ؟!
              قالت لهُ : عن الرسول المُبتلى من اختل عقله ، أما المجنون مِن عصى الله .
              قال لها : وهل الله فيه ؟!
              قالت : عسى الله اليه يُهديه .

              تعليق


              • #22
                (13)
                قال لها : ما قصتك اليوم ؟!
                قالت لهُ : حكاية الذئب والخراف السبعة
                قال لها : وهل تريني طفلاً ؟!
                قالت : وهل تعتقد فقط الاطفال عليها ان تخاف من الذئاب ؟!
                قال لها : الذئاب تظهر للكبار وللصغار .
                قالت لهُ : جميلة فيها وصية ام وهي تشبه وصايا العقل والتجارب ودروس الحياة ، وذئب يُغير من صوته ويده وهيئته ليظهر بشكل امهمهم التي يحبونها ، كما يُغير بعض البشر هيئتهم ليظهروا بشكل يُحبه الناس ، وطوق النجاة هو التفكير والتعقّل .
                قال لها : لماذا لم تختاري ليلى والذئب وهو يضحك ، فأن فيها ذئبا ايضا ، فيها ايضا وصية ام ، وذئب يتنكر ، وليلى الساذجة ؟!
                قالت لهُ : كلا .. ليلى قد اكلها الذئب ، كانت في منتهى السذاجة ، تركت وصايا امها منذ البداية ولم تُشغل عقلها الا باللحظات الاخيرة ، الذئب لم يبذل جهدا كبيرا لخداعها ، لا تنفع كقصة للمجتمع ، وان كان هناك الكثيرات مثل ليلى الساذجة للاسف .
                قال لها : وما فرقها عن قصة الذئب والخراف السبعة .
                قالت لهُ : الخراف كانت تحرص على تطبيق وصايا امها ، ولكن الذئب كان محتالا ويبذل جهداً كبيرا لأسقاط الخراف ، يأخذ وصية الام ليظهر للخراف بها حتى يصدقونه انهُ امهم ، فهناك من صدق تغير صوته ، وهناك من صدق تغير يده ، وهناك من صدق تغير هيئته ، كان يستدرجهم وهذا اقرب للذئاب البشرية ، والجميل ان فيها خروفا واحد بقي على وصية امه ولم يصدقه ، وقد نجى ، فلا بد ان يكون هناك ناجي في دروب الحياة الموحشة والاجمل ان الخروف الناجي قد انقذ اخوته عندما حول عثرات اخوته لافته لأمه لكي تنقذهم ، فاعطى دروس جديدة للحياة ، مفادها أن تعثر ، ان تخطأ ليس مهما هذه هي دروب الحياة ليست مُعبدة ، ولكن ان تستفاد من الخطأ والعثرة وتحولها لافتة يهتدي بها الاخرون هو الافضل والاحسن ، فعثرة الامس هي حكمة اليوم ، هذا ما يجب ان يكون عليه الانسان الحقيقي .
                قال لها : لو تتركين عنكِ هذه النظرات الفلسفية لكل شيء ، حتى قصص الاطفال لا ترينها الا بمنظورك الفلسفي ؟!
                قالت له : ماذا افعل تعلمنا مِن الصغر ان لا نُضيع وقتنا ، وان نستخرج عٍبرة لكل ما نشاهده ، على عكس اطفال اليوم التي تقضي جلّ وقتها على الرسوم المتحركة وهي لا تعرف ما يدور فيها ، ولأن الاباء مشغولين عنهم لا يعلمونهم كيف يزرعون فيهم اسس التفكير السليم لما يشاهدون ليعرفوا على الاقل كيف ينتقون الجيد من الرسوم المتحركة والمفيدة ، وبعدها يعرفون يميزون الصديق الجيد من الرديء ، ويميزون الاختيار الجيد في كل امور حياتهم .
                قال لها : النهاية دائما تعجبني كانت ، الام والخراف لم ينتقموا من الذئب ، بل وضعوا احجار عثراتهم في عقله لعله يهتدي .
                قالت له : الانتقام لا يولد الا الانتقام ، فمن اراد ان ينتقم يخسر ، يخسر من حيث لا يدري ، يخسر ستر الله المُسدل على عيون بعض البشر فلا يرون الا صورته الحسنة ، لأن الله يُحب عبده ، لأنه يرى فيه خيرا قد لا نراه نحن ، يُريده لأخر لحظة ان يكون مِن حزبه .
                والانتقام يلوث الروح ، ويفقدها بريقها ولمعانها ، لأنه لو كل انسان عامل الاخرين بالمثل ، لوجد نفسه قد جمع في نفسه كُل صفة سيئة عند الناس فيتحول وحشاً لا ملاكا ، فيكون اسوء منهم .

                لهذا علينا عدم التفكر بالانتقام ، لأني مؤمنة لا يوجد ذئبا حقيقاً ، بل هي هيئة يُمكن ان ينزعها الاشخاص من نفوسهم ، ليرتدوا ثوب الفطرة بالتوبة فيعودا بشراً ملاكا .
                ابتسم لها وقال : أنت ملاك

                تعليق


                • #23
                  (14)

                  قال لها : لم اعهدكِ قاسية ، لا أجد اللطف في بعض الكلمات .
                  قالت لهُ : بعض القسوة لطفٍ أيضا .
                  قال لها : وكيف ؟!
                  قالت لهُ : الدواء قاسي ، ولكن ما دام فيهِ العلاج فهو لطف .
                  شدة الأرض على عنصر الكربون قسوة ، ولكن نهاية هذه الشدة أن يتحول الى الماس فهو لطف .
                  الطرق بقوة على مسمار لتثبيت صورة قسوة ، ولكن لكي لا تقع وتنكسر بالكامل فهي لطف .
                  حفر وجه الأرض بقوة قسوة لكن من اجل ان ينفطر منهُ ينبوعاً فهو لطف.
                  شق مجرى في الأرض قسوة ، ولكن ليجري فيها جدول ونهر لطف
                  لعل بعض الكلمات قسوة ، عسى ولعل فيها علاج للنفس ، يُبرق ألماسا في الروح ، يفطر ينبوعا في القلب ، يشق جدولا ونهر في العقل للتفكير.
                  قال لها ضاحكاً : حتى قسوتك أعدها لطفاً .

                  تعليق


                  • #24
                    (15)
                    قال لها : اين مدونتك ؟!
                    قالت لهُ : ولما !
                    قال لها : اراكِ فيها
                    قالت لهُ : لن ترى شيئا ، ولن تفهم شيئا ، ولن تعرف شيئا ؟!
                    قال لها : مغرورة
                    قالت لهُ : متواضعة جدا ، ولكن لا يمكن ان تستسقي رؤيتك ونظرتك مما يكتب الكاتب ، فالكاتب
                    يستشعر بكل صدى وصوت وشعور في العالم فيعزفها حروفاً للناس بناي قلمه لتستقر في قلوبهم ، وتهتدي بها عقولهم
                    فوجه الكاتب عبارة عن وجوه كُل الناس ، وصوته هو صدى لأهات كُل الناس ، وحرفه هو شعور كُل الناس ، كُل حروفه مُبعثرة في وصف دمعة ، او ابتسامة ، او كلمة ، او رؤية ، او هدف ، او صورة ، او حادثة ، فلا يجب جمعها ، لأن وأن جمعت في جملة سيبقى المعنى ما يقصده هو لا قصد آخر ، واعظم مقصد هو ان تكون صدقة جارية ، ونجوم يُهتدى بها ، لهذا الكاتب لا احد يستطيع ان يسبر اغواره ، لأنه لا يبحث عن ( الانا ) في كتاباته .
                    قال لها : هل كُل الكتّاب كذلك ؟!
                    قالت لُه : لا يهمني نية اقلامهم ، ولكن انا انظر اليهم بعيني ، فمن كانت عيناه كعيني نحلة سيحلّق على الورد اينما وجد ، غير ناظرا للشوك اذا وجد عندهم ، فالله هو اعلم بنواياهم ، وما دامت عيناي كعيني نحلة ، فلن ارى الا الورد في النفوس ، والله سيحميني من الاشواك اذا ما وجدت ، فالله يده على النوايا الطيبة . .
                    قال لها : ولكن سأجد روحك فيها !
                    قالت لهُ : لا اُنكر ذلك فبصمة الروح لا يُمكن اخفائها ، ستعبق مع الحروف لا ارادياً
                    قال لها : والان ماذا افعل ؟!
                    قالت له : قُل لي سؤالك مباشرة وسأجيبك هكذا بمنتهى البساطة.
                    قال لها : لأقول مُقدمة اولا ..
                    قالت لهُ: بدون مُقدمات لِما كُل هذا اللف والدوران .
                    قال لها : أنتِ وردتي
                    قالت لهُ بحروف مُبعثرة :
                    سأجلب لكَ كوباً مِن العصير .

                    تعليق


                    • #25
                      (16)

                      قال لها : لِما الحُزن يا صغيرتي ؟!
                      قالت لهُ : الحزن على الارواح التائهة في متاهات الحياة .
                      قال لها : وما شأنك انتِ بها !
                      قالت لهُ : " يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه " عبارة عظيمة اننا في طريق الكل يسلكهُ المؤمن والكافر والملتفت المتنبه والغافل ، والصالح والطالح ، نحن جميعا امام حقيقة كونية وهي اننا بمختلف اطيافنا ومشاربنا سوف نسلك طريقا نحو الله ، حيث ان الضلال والاهتداء يتحققان في سلوك هذا الطريق وهو سلوك ينطق بأن الله سبحانه هو المرجع الذي يرجع اليه الجميع : المهتدي والضال .
                      قال لها : نعم كل انسان يبحث عن الله ، من يريد اثبات وجوده وسلوك طريقه ومن يريد نفيه وسلوك طريق اخر ، وتتعدد السبل في كلا الطريقين بعدد الخلائق ولكن من يناله المهتدون ، ويُحرم عنهُ الضالون عندما تنتهي هذه السبل الى صراط الله المستقيم ؟!
                      قالت لهُ : بما ان الجميع سائرون اليه سبحانه سيرا لا مناص لهم عنه ، اليس من الواجب ان نلتفت الى هذا السير ، ونميز الطريق الذي يوصل الى الرشد والفلاح ، عن الطريق الذي يؤدي الى الهلاك والخسران ، ثم ندعو الناس اليها بالحكمة والموعظة الحسنة !؟
                      قال لها : الواجب على المؤمن هو الدعوة الى ربه والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بما لديه من معرفة وبالاخذ بالاسباب ، ثم ايكال امر المسببات الى الله تعالى فاليه الامر كله ، واما ان يهلك نفسه في سبيل انقاذ الغير من الهلكة فلم يؤمر به ، ولا يؤاخذ بعمل غيره ، وما هو عليه بوكيل .
                      قالت لهُ: هل تريد القول " يا ايها الناس عليكم بانفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم " ؟!
                      قال لها : تقريبا
                      قالت لهُ : ولكن هي لا تنافي او تنسخ الامر بالمعروف والنهي عن المُنكر ؟!
                      قال لها : وهل قلت لك انها تنافي ذلك او تنسخ ؟! كيف تنافي ذلك فالدعوة الى الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شؤون اشتغال المؤمن بنفسه وسلوكه سبيل ربه وهي من مشخصات الدين واسسه التي بني عليها " قل هذا سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني " و " كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " اي على المؤمن ان يدعو الى الله على بصيرة وان يامر بالمعروف وينهى عن المنكر على سبيل اداء الفريضة الالهية ولكن في نفس الوقت ليس عليه ان يبكي ويهلك نفسه حزنا على الارواح التائهة فذلك موضوع عنه ولا يحاسب عليه .
                      قالت لهُ ولا زال الحزن مُخيم على ملامحها : الحث هنا في لزوم طريق الهداية اليس فيه حث على لزوم السالك في الطريق معه ؟!
                      قال لها بنظرات ملؤها الشفقة على قلبها الصغير الذي لا يتحمل : يا صغيرتي الاية قدرت للمؤمنين طريقا فيه اهتدائهم ، ولغيرهم طريقا فيه ضلال سالكيه ثم امر المؤمنين بان يلزموا انفسهم اي نفس المؤمن هو الطريق الذي يؤمر بسلوكه ولزومه فان الحث على الطريق انما يلائم الحث على لزومه والتحذير من تركه لا على لزوم سالك الطريق كما نشاهده في القول ( ان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) .
                      قالت لهُ : لم افهم ؟!
                      قال لها : سلوك طريق الله كما قلتي انتِ هو سلوك اضطراري لا مناص منه لجميع المخلوقات والاية تريد تنبيه المؤمنين الى هذه الحقيقة بعد غفلتهم عنها على الرغم انها من الحقائق الكونية وان كانت ثابتة غير متغيرة سواء علمها الانسان او جهلها ، لكن الله سبحانه يلفت اليها الانسان لأن التفاته اليها يؤثر في عمله تأثيرا بارزا ، فالانسان عندما يلتفت الى ذلك سوف يربي نفسه على سلوك طريق السعادة ( قد افلح من زكاها ) او قد يغفل ويسهو ( وخاب من دساها ) فيأمر الله المؤمن ان يلزم نفسه بالحفاظ على طريق هدايته ، اي الطريق الذي يجب عليه سلوكه ولزومه هو نفسه ، فنفس المؤمن هو طريقه الذي يسلكه الى ربه وهو طريق هداه وهو المنتهى به الى سعادته ، وعليه ان لا يتأثر بضلال من ضل فيترك طريق الهداية ، وان لا يشتغلوا بهم وينسون انفسهم فيصيروا مثلهم ، او يشتغلوا بضلال الناس عن اهتداء انفسهم او يهلك نفسه حزنا عليهم في سبيل انقاذ غيره وانجائه .
                      وابتسم قائلا لها : اليوم كلامك قليل جدا وتصغين بعناية وتقولين لا افهم ، كل مرة لكِ الكلام دائما ؟!
                      قالت لهُ بحروف حزينة : الاصغاء مُمتع لمن يتكلم عن دراية وفهم .
                      واضافت : اذن سوف نعود الى قاعدة كونية اساسية وهي لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؟!
                      قال لها : أحسنتي تغيير الذات هو تغيير العالم ، لأن المجتمع هو عبارة عن هذه الارواح التائهة ، وكل روح لو انشغلت بنفسها اولا لتغير كُل المجتمع كنتيجة حتمية لتغير افرادها .
                      قالت لهُ : نعم العودة الى النفس والتفكير في ما تملك من معرفة والبحث عن الحقيقة دون انقطاع هو سبيل النجاة " يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم " فالله يامر ان تنظر النفس وتراقب صالح عملها الذي هو زادها غدا وخير الزاد التقوى ، فالنفس الامس واليوم والغد في سير وحركة على مسافة والغاية هو الله الذي عنده حسن الثواب وهي الجنة فعليها ان تدوم ذكرها لربها ولا تنساه فهو الغاية ونسيانها يستعقب نسيان الطريق فمن نسي ربه نسي نفسه ، ولم يعد لغده ومستقبل مسيره زادا يتزود به ويعيش باستعماله وهو الهلاك ، فمن عرف نفسه عرف ربه ، فالاحسان والاساءة للنفس هو يحسن اليها بالهداية ، ويسيء اليها بالضلال .
                      قال لها : نعم عن علي عليه السلام ( اعظم الجهل جهل الانسان نفسه ، واعظم حكمة معرفة الانسان نفسه ، واكثر الناس معرفة لنفسه اخوفهم لربه )
                      واضاف .. والان امسحي الحزن عن وجهك ، لا يليق عليه الا الابتسامة .
                      قالت لهُ : سأبتسم لكَ ، فان الابتسامة بوجهك صدقة
                      قال لها : اعلم ان ابتسامتك ، مثل النهاية السعيدة التي تنهين بها قصصك ؟!
                      قالت لهُ: لأن النهاية السعيدة هي ابتسامة الكاتب بوجه المجتمع ، لتكون لهُ صدقة ، وان كان قلبه يقطنهُ الحزن والالم .
                      فالابتسامة بوجه العالم صدقة ، لعلها تهدي طريقا ، وتُفرح قلبا ، وتنقذ روحا ، وتزرع املا .

                      تعليق


                      • #26
                        (17)
                        قال لها : من الامثلة القديمة والشهيرة هي ( كُل الطرق تؤدي الى روما )
                        قالت لهُ : لو بيدي لما تركتها مثلا مشهوراً
                        قال لها : اولاً .. قولي لي هل حقا هناك طرق عديدة الى روما ؟! واضاف ضاحكا : ثم اكيد نظرتك المقلوبة للاشياء تجعلك تقولين ذلك ؟!
                        قالت لهُ : نعم هناك طرق عديدة تصل الى 19 طريق تؤدي الى روما تم رصفها وتبليطها بعدما كانت وعرة يصعب المسير عليها ايام اباطرة الرومان حيث كانوا يشنون الحروب لضم الارض الى الامبراطورية الرومانية ، ثم .. لا يهمني ان كنت ترى نظرتي مقلوبة للاشياء ، اكيد ستوافق عليها بعدما اُريك الصورة الثانية .
                        قال لها وهو يبتسم بوجهها : "دوما مغرورة "
                        قالت لهُ مبتسمة : بما اني ارى الاشياء بصورة مقلوبة على حد قولك ، سأعتبر كلمتك معناها " دوما متواضعة "
                        قال لها لن استطيع مجاراتك مهما حاولت : والان ارينا صورتك المقلوبة
                        قالت له : مِن الخطأ ان نُعلّم الاخرين ان كُل الطرق تؤدي الى نتيجة واحدة ونستشهد بهذا المثل المشهور ، ولو قالوا " اقصر الطرق تؤدي الى روما "
                        لقلت من وضعها حكيماً .
                        قال لها : وما الفرق ؟!
                        قالت لهُ : كالفرق بين الثرى والثريا .
                        قال لها : كيف ؟!
                        قالت لهُ : اولاً .. ان الذي يرى العديد من الطرق ، ويسلك اقصرها ، دليل على ذكاءه وفطنته وجديته في تحقيق اهدافه ، ويعطي انطباع عن شخصيته .
                        قال لها : الانسان لا يعرف اقصر الطرق الى اهدافه ليسلكها ؟!
                        قالت لهُ : العقل يحكم ان يستشير مِن سلك الطرق قبله فهو قد خبره وعرفه ، فأهل االخبرة وحسب تخصصهمم لهم دور كبير على جميع الاصعدة ، هل تعلم انهم يدخلون في اعلى نقطة تقييم من حيث تحديد تقليد الاعلم على المستوى الديني ، الى اصغر نقطة تقييم في كيفية تنظيم الامور الحياتية ، لهذا نقرأ خبير او مستشار اجتماعي ، قانوي ، طبي الى اخره ...
                        واضافت ...
                        الوقت ثمين ، حياة الانسان دقائق وثواني ، فهل يُضيعها بسلوك طرق ملتوية وبعيدة عن هدفه ، فالطرق الملتوية لا تؤدي الا الى الخسارات عاجلا ام اجلا ، مثلا طالب يختصر الطريق للنجاح فياخذ باقصر الطرق وانظفها يدرس ويجتهد ويستشير ويطلع ، والاخر يأخذ بأطول الطرق يبحث عن وسائل الغش المتنوعة ويسأل ويستفسر عنها من اجل ان ينجح ، طريق الاول واضح ونهايته صريحة ، والثاني طريقه مُبهم ، ونهايتها غير معروفة ، العقل الاجتماعي سوف يقضي بصدق الطالب الاول في انه يريد ان ينجح ، اما الثاني سوف يقضي بكذبه في انه يريد ان ينجح ، عندها نظرة الناس لا يُمكن ان نعتب عليها ، لأن نظرتهم جاءت من سلوك كلا الطالبين .
                        قال لها : اكملي ...
                        قالت لهُ : الطرق تكشف عن سلوك البشر ونواياهم ، فالاهداف كثيرة في الحياة ، فالذي يتخذ طريق ملتوي وطويل مع وجود طرق مختصرة ، ستعرف انهم غير جادين في تحقيق اهدافهم ، ويجب اخذ الحيطة والحذر منهم ، وتحكم لكي لا تقع في الظلم ان سلوكهم عن غير عمد لعل فطرتهم قد ران عليها غشاوة فلا يُرى ابدى البديهيات ، ولكن سلوك نفس الطريق الملتوي مرة ثانية ، يجعلك تحكم عليهم انهم كاذبين ، يكذبون على غيرهم وعلى انفسهم ، فيقطع الشك باليقين ، عندها ما ظلمناهم ولكن هم ظلموا انفسهم بانفسهم .
                        قال لها : اقول لكِ ابقي ساذجة افضل ، لأنهُ يُناسب روحك البريئة .
                        قالت لهُ وقد اقطبت جبينها ولكن بأبتسامة : نعم السذاجة احيانا افضل لروحي لأنها تُبقي الاشياء مثل ما اُحب ان اراها انا ، ما يوافق طبيعتي ، غير ملتفتة عن عمد لما رسمه الاخرون لأنفسهم من صور ، لأني اُحب ان ارى كُل العالم طاهر وجميل ونقي ، ليس فيه غش وخداع ولا كذب ولا محتالين اوكذابين ، لأني لا اتحمل هذه الصور ولا اريد تصديقها عن عمد وليس لأني لا اراها ، لأنها اشواك توخز الروح وتؤذيها ، ولأني لا اُحب ان اؤذي غيري ، لأني اتصور قلوبهم رقيقة مثل قلبي ، لا تتحمل ذلك .
                        قال لها ضاحكا : انتِ طيبة القلب و .. و ... سـ ، ا ، ذ، جة .

                        فأقطبت جبينها مِن دون ابتسامة .

                        تعليق


                        • #27
                          (18)
                          قال لها : كيف نحكم على الاخرين ، على المظهر ام على الجوهر ؟!
                          قالت لهُ : الحكم عادة يكون على الجوهر .
                          وكيف نعرف جوهر الناس ؟!
                          قالت : بما يظهرونه مِن اقوالهم وافعالهم ، فأن تناقضت حكمت على نفاقهم وكذبهم ، وان توافقت حكمت على صلاحهم وصدقهم .
                          فتعرف الصالح من الطالح ، تعرف الصادق والملتزم ، من الكاذب والمدّعي ، تعرف صاحب الاخلاق والمخلص من غيره الى اخره ...
                          لهذا نجد الايات كثيرة حول ذلك ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام )
                          ( يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون )
                          ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب افلا تعقلون )
                          قال لها : وهل هي قاعدة عقلية ثابتة ؟!
                          قالت لهُ : نعم وهي قاعدة عقلية تستخدم حتى في تمييز من يدعون انهم ولاة امر الله على ارضه في دينه
                          يأتي سائل إلى الإمام العسكري ويقول له في حديث مطول عن عامة اليهود المغرر بهم من أربابهم : ما ذنب عامة اليهود ؟ أن القرآن نفسه يقول عنهم أنهم جهلاء أميون ، فلماذا يوجه النقد إليهم ؟
                          فيرد الامام على هذا السؤال ببحث رفيع : هنالك عدد من المسائل لا تحتاج الى الدرس والمعلم بحيث يمكن ان نقول : انهم لم يتعلموا ذلك من احد ، فهم ـ اذن ـ معذورون . ان العامة يعذرون في الامور التي تتطلب الدرس والتعلم وهم لم يدرسوها . الا ان هناك امورا لا تحتاج الى تعليم ، فالانسان يفهمها بحكم معارفة الفطرية والقلبية . ثم يضرب الامام مثلا جميلا ، فيقول : كان عامة اليهود يرون ان علماءهم يامرونهم بالتقوى والطهارة وتجنب الربا والمسكرات ، ولكنهم هم لم يكونوا يفعلون ما يقولون ، بل كانوا يفعلون خلافه . فهولاء العامة كان لا بد لهم بمعارفهم القلبية ان يدركوا ان من يأمر بعمل ويعمل نقيضه لا يمكن اعتبار اقواله والاعتماد عليها .
                          قال لها : هناك من يزهد في مظهره ليُقال انه مؤمن فيعطي انطباع ان الدين هو ان تزهد في الحياة فيكره الناس الدين والتدين ، وهناك من يظهر الجميل في مظهره ولكن الناس يقولون لهُ لو كنت متدين وملتزم لظهر الزهد والتدين في ثيابك ومظهرك ؟!
                          قالت لهُ : السبب في ذلك هو المفاهيم المغلوطة عند الناس فالزمان يتغير وقد التفت الى ذلك ائمتنا عليهم السلام ففي حوار دار بين الامام الصادق عليه السلام مع سفيان الثوري عندما راى الاخير ان الامام يلبس جبة خز دكناء فقال : يا بن رسول الله ما هذا لباسك !
                          ـ سفيان الثوري من تلامذة الامام واستغرب بسبب ان الامام علي كان يلبس الخشن من الثياب ـ

                          فقال : يا ثوري ! لبسنا هذا لكم . ثم كشف عن جبة صوف يلبسها وقال : ولبسنا هذا لله .
                          فالامام الصادق يشير الى تغير الزمان حيث كان زمن الامام علي يعمهُ الفقر فكان هو القدوة فلا يختار الا ما يناسب افقر امته اما في زمن الامام الصادق فقد ازدهرت الحياة فلا بد من اظهار النعمة فيقول : اذا انعم الله على عبده بنعمة احب ان يراها عليه لأن الله جميل يحب الجمال ويقول : ان الله يحب الجمال والتجمل ويكره البؤس والتباؤس وفي جوابه لمن استنكر عليه انه يلبس حرير مرو : ويلك ! من حرّم زينة الله التي اخرجها لعباده والطيبات من الرزق
                          وايضا كان جواب الرسول لرجل قال لهُ : يا رسول الله احب ان يكون ثوبي حسناً ونعلي حسن : أفمن الكبر ذاك ؟ قال : لا . ان الله جميل يحب الجمال . الكبر بطر الحق وغمط الناس .
                          ولهذا سفيان الثوري امسى يقول ( الزهد في الدنيا هو بقصر الامل ، وليس بأكل الخشن ، ولا بلبس الغيظ ، ازهد في الدنيا ثم نم ! لا لك ولا عليك ، ان الرجل ليكون عنده المال وهو زاهد في الدنيا ، وان الرجل ليكون فقيرا وهو راغب فيها ) .
                          قال لها : اذن الدين هو الابتعاد عن الحرام ، لا عن الحياة .
                          قالت لهُ : نعم.. واضافت : هناك ابيات شعرية جميلة تنسب الى الامام الشافعي يقول فيها
                          " تعصي الاله وأنت تًظهر حبهُ ، هذا محال في القياس بديعُ
                          لو كان حُبك صادقاً لأطعته ، أن المُحب لمن احب مُطيعُ
                          في كُل يومٍ يبتديك بنعمةٍ ، منهُ وأنت لًشكر ذاك مُضيعُ .

                          قال لها : حقا أنهُ يكشف عن حقيقة الحُب الحقيقي ، ما بين الله والعبد ، وما بين عباد الله ايضا ، فيُعرف ايضا الصادق مِن الكاذب .
                          قالت لهُ بجدية : اياك ان تكذب ، فالنساء بالعقل والفطرة يعرفن الكاذب مِن الصادق .
                          ابتسم لها وقال : أنتِ مخيفة جدا ، احبُ دائما اراكِ ساذجة اكون مطئمنا اكثر .. وضحك

                          تعليق


                          • #28
                            (19)

                            قالت لهُ : الى ما تنظر ؟!
                            قال لها : أبحثُ عن نفسي في عينيك ..
                            وأنتِ الى ما تنظرين ؟!
                            قالت لهُ : أبحث عن الله في عينيك ..
                            أبتسم وقال : ما الفرق ؟!
                            قالت لهُ : أن بحثتُ عن نفسي في عينيك ، سوف اعاملك بالطيب الى أن ترضى عني.
                            وأن بحثتُ عن الله في عينيك ، سوف أعاملك بالطيب الى أن يرضى الله عني فيك.
                            وما يُرضي الله عطاء مستدام ومتجدد ، لا ينتهي الا برضا الله، وأن رضيت.

                            تعليق


                            • #29
                              (20)
                              قال لها : هل البراءة تتناسب مع ما موجود في دروب الحياة مِن مشاكل واشواك ومتاهات ، واذى وألم ومعاناة ؟!
                              قالت لهُ : نعم مُناسبة بل هي مفتاح القلوب ، لتستقر الكلمة في العقول ، دونها ليس للكلمة أي اثر في العقل ، اذا لم يستقبلها القلب اولاً، لهذا هناك عبارة اعجبتني لفتح الله كولن يقول فيها " لا ينبغي أن ننسى أن الذي لا يحافظ على طراوة قلبه وصفوة روحه في كل أوان، ولا يقي نقاءه وطهره كنقاء وطهر الأطفال برفقة ثرائه الذهني والفكري والحسي في كل وقت، لن يوحي بالثقة إلى من حوله ولن يحوز على التصديق والإقناع قطعًا، مهما توسع في رحاب العلم والأدب والخبرة."
                              قال لها : ومن هو فتح الله كولن ؟!
                              قالت لهُ: هو داعية ومفكر اسلامي تركي ، عمل واعظاً متجولاً، وفي خطبه ومواعظه كان يربي النفوس ويطهرها من أدرانها، ويذكرها بخالقها وربها ويرجعها إليه.
                              قال لها : ولما تستشهدين به ، لنا في اقوال رسولنا وائمتنا قدوة ؟!
                              قالت لهُ : على هونك ، فهذا الامام علي عليه السلام يقول : لا تنظر الى من قال وانظر الى ما قال ، وايضا قال : الحكمة ضالة المؤمن اينما وجدها اخذها
                              واضافت ..
                              لا يمكن ان نتقوقع فقط على مذهبنا وافكارنا ، لأن الانفتاح على العالم سوف يجعل ما لدينا ضعيف ومهزوز لأول موجة فكر تأتي من هنا وهناك ، لأن ما لدينا هو ثقافة بيئية غير ناضجة ومكتملة ، لهذا هي اقرب للتلقين ، فنحن على ما نحن عليه لأننا ولدنا في بيئة ملتزمة اومسلمة ، على عكس ان تكون على ما انت عليه عن علم وفهم ، فلا يهز قلبك اي اعصار ، لهذا لابد للمرء ان يطلع على ثقافة الاخرين ويتمسك بعدها بطريق الصواب .
                              قال لها : لكن بعض الشباب يتيه في متاهات هولاء ؟!
                              قالت لهُ : لا انكر ذلك ، لهذا يجب ان لا نعتقد ان العقل فقط هو المقوم للاعوجاج ، لأننا مهما قرأنا في ثقافة الاخرين ، لابد مِن وجود مختص يتم الرجوع اليه في كُل شبه تستفحل في العقل ، هذا ما تدعو اليه الفطرة السليمة ، فعندما نمرض ، فالعقل يقودنا الى التفكير بالعلاج ، ولكن تشخيص المرض يبقى للطبيب ما دمتُ غير متخصصة في هذا المجال ، والعقل ايضا سوف يجعلك تطلب الاستشارة من الاخرين ، استشارة من هو الطبيب الحاذق والاقرب الى تشخيص المرض من بين كُل الاطباء الموجودين ، عندها قد انهيت تكليفك عندما كان سيرك وفق قوانين العقل الفطرية والتي عادة ما تؤدي الى اقرب نقطة اقرب للصواب فلا يتيه عندها الشباب .

                              قال لها :
                              الا تجدين ذلك خطرا على العقول ؟!
                              قالت لهُ : نعم ويشتد الخطر على العقول التي تُعاني من الجهل المركب ؟!
                              قال لها : وما الجهل المركب ؟!
                              قالت لهُ : أن يجهل شيئاً وهو غير ملتفت إلى أنّه جاهل به، بل يعتقد أنّه من أهل العلم به، فلا يعلم أنّه لا يعلم، كأهل الاعتقادات الفاسدة الذين يحسبون أنّهم عالمون بالحقائق، وهم جاهلون بها في الواقع
                              وبتعبير آخر: «هو خلو النفس عن العلم، وإذعانها بما هو خلاف الواقع، مع اعتقاد كونها عالمة بما هو الحقّ، فصاحبه لا يعلم، ولا يعلم أنّه لا يعلم؛ ولذا سُمِّي مركباً»
                              قال لها : لما يشتد الخطر على هذه العقول ؟!
                              قالت لهُ : الخوف ان لا يكون لها علاج ، ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: «إنَّ عيسى بن مريم عليه السلام، قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله، وأبرأت الأكمه والأبرص بأذن الله، وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله، وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه. فقيل: يا روح الله، وما الأحمق؟ قال: المعجب برأيه ونفسه، الذي يرى الفضل كلَّه له لا عليه، ويوجب الحقَّ كلَّه لنفسه، ولا يوجب عليها حقاً، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته»
                              وعنه ايضا «الناس أربعة: رجل يعلم ويعلم أنّه يعلم، فذاك عالم تعلَّموا منه، ورجل يعلم ولا يعلم أنّه يعلم، فذاك نائم فأنبهوه، ورجل لا يعلم ويعلم أنّه لا يعلم، فذاك جاهل فعلّموه، ورجل لا يعلم ولا يعلم أنّه لا يعلم فذاك أحمق فاجتنبوه»
                              قال لها : واين تشيع هذه الحالة ؟!
                              قالت لهُ : الحالة الوسطى وهو أنَّ يكون للإنسان حظٌّ من العلم وحصيلةٌ منه، فهنا يشيع هذا الداء كثيراً عند هذه الطبقة من الناس، ولنُسمِّهم (أنصاف المتعلِّمين)، الذين لم يقطعوا شوطاً في العلوم، فهؤلاء هم أكثر الناس وقوعاً به؛ لذا قال أحد الأكابر ما نصه: «وإنَّ الجهل المركب يكون عند أُناس هم بين بين، وهم الذين خرجوا قليلاً من بساطة العوام، وتقحَّموا في الجوَلان في ميدان العلم، بأقدام مرتعشة حتّى في مباديه، فهم يُقلقون العالم، ويشوّهون العلم، تارةً بالتقليد الأعمى في المسموعات الموافقة للأهواء، وتارةً بالوسوسة والتشكيك في كلِّ شيءٍ»
                              قال لها : والعلاج كيف ، لا يُعقل ان لا يكون لهم علاج ؟!
                              قالت لهُ : لابد من علاج واول العلاج التواضع وترك الكبر والغرور فهذا سوف يقود الى :
                              * عرض المعلومات على ذوي الاختصاص: فصاحب الاختصاص خبير باختصاصه، ولا بدَّ أن يختار المرء المختص العاقل الكيّس الذي لا يتكلَّم وفق هواه وميوله النفسية، وخصوصاً في الأُمور المصيرية، كالعقائد والأُمور الراجعة إلى دين الإنسان؛ إذ إنَّها تُحدد مصيره، وترسم طريق حياته الدنيوية والأُخروية، فإنَّ أحدنا إذا أراد شراء بيتٍ أو سيارةٍ يسأل كثيراً ويتردد، ويتحرّى ذوي الخبرة ليسألهم، وإذا أقدم على الشراء بدون مشورةٍ، وكانت السلعة معيبةً، فإنَّه سيتعرَّض للّوم الشديد، والعتاب المرّ على تركه المشورة، مع العلم أنَّ البيت أو السيارة ممكن أن يعوّضا، ولا يترتب على نقصهما كبير أثر في الدنيا والآخرة. فما بالك بالعلم الذي له مساس بالحياة الدنيا والآخرة على حدٍّ سواء، كالعقائد وما يتعلق بها، والأُمور الدينية، أو بعض المواقف السياسية الضخمة؟!
                              لذلك؛ نرى بعض خُلَّص أصحاب الأئمّة يعرضون دينهم، وعقائدهم على الأئمّة عليهم السلام؛ ليصحّحوا لهم الخطأ والاشتباه ـ إن وجد ـ أو ليقرّوهم عليها إن كانت تامَّةً.
                              فقد ورد في (الكافي) الشريف عن إسماعيل بن جابر، قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: أعرض عليك ديني الذي أُدين الله (عزَّ وجلَّ) به؟ قال: هات. قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلّا الله...» وهكذا فعل عبد العظيم الحسني الذي كان من أجلَّة أصحاب الإمام الجواد والإمام الهادي عليهما السلام، ومن أحفاد الإمام الحسن الزكي عليه السلام، ووكيلاً عن الأئمّة عليهم السلام في منطقة الري، ومع هذه الجلالة نراه يعرض دينه على الإمام الهادي عليه السلام، كلُّ ذلك منهم رجوعاً إلى ذوي الخبرة والبصيرة، والعقل والدين.
                              * الاستعانة بالمشورة: «فمَن استبدّ برأيه هلك، ومَن شاور الرجال شاركها عقولها» على حدِّ قول أمير المؤمنين عليه السلام. فغالباً ما تظهر للإنسان عيوب آرائه، ونقاط الضعف فيها، حينما يتم تداولها مع أشخاصٍ من ذوي العقل والمروءة، وقد ذُكرت للمشاور صفات عديدة منها: أن يكون من ذوي العقل، وأن يُعطي أخاه محض الرأي، وأن لا يكون الرأي ناشئاً من هوى، أو عصبيةٍ، أو مصلحةٍ دنيويةٍ، و...
                              * الاستعانة ببقية العلوم: وهذه الطريقة قد اقترحها صاحب كتاب (جامع السعادات)، وتتلخص بطرح احتمالين لحصول الجهل المركب، فيقول ما نصه: «ثمَّ إنَّ المنشأ له [أي: للجهل المركب] إن كان اعوجاج السليقة [أي: السجية والطبيعة]، فأنفع العلاج له تحريض صاحبه على تعلُّم العلوم الرياضية من الهندسة والحساب؛ فإنّها موجبة لاستقامة الذهن لأُلفه ـ لأجلها ـ باليقينيات؛ فيتنبّه على خلل اعتقادها، فيصير جهلها بسيطاً، فينتهض للطلب»
                              إذ بدراسة العلوم اليقينية ـ كالهندسة والرياضيات ـ يتضح للجاهل المركب، قيمة اليقين ومعناه أوّلاً، وقيمة معارفه التي كان يظنُّ أنّها يقينية ثانياً.
                              وقال ايضا «وإن كان [سبب الجهل المركب] خطأ في الاستدلال، فليوازن استدلاله لاستدلالات أهل التحقيق والمشهورين باستقامة القريحة، ويعرض أدلة المطلوب على القواعد الميزانية، باحتياطٍ تامٍ واستقصاءٍ بليغٍ، حتّى يظهر خطأه، وإن كان [سبب الجهل المركب] وجود مانع من عصبيةٍ، أو تقليدٍ، أو غير ذلك، فليجتهد في إزالته»
                              وليكن مسك ختام الحديث حديثاً ورد عن الإمام الصادق عليه السلام، إذ يقول لرجل: «إِنَّكَ قَدْ جُعِلْتَ طَبِيبَ نَفْسِكَ وبُيِّنَ لَكَ الدَّاءُ، وعُرِّفْتَ آيَةَ الصِّحَّةِ ودُلِلْتَ عَلَى الدَّوَاءِ، فَانْظُرْ كَيْفَ قِيَامُكَ عَلَى نَفْسِكَ»

                              قال لها : أحسنتي فهذا ما يوافق قوله تعالى " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "
                              وقوله : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ

                              قالت لهُ : انظر ما بدأنهُ بالمنطق والعقل انتهى لصبغة الله وفطرته ، لهذا كان خيار ابينا ادم العقل عندما هبط جبرئيل فقال: يا آدم إني امرت أن اخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه فقالا: يا جبرئيل إنا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج.
                              ابتسم لها وقال : اذن اختاري العقل يا صغيرتي .

                              تعليق


                              • #30
                                (21)

                                قال لها : الشمس
                                قالت لهُ : كلمات صادقة باعثة للدفئ ، لا تخشى ان يغمرها النور
                                قال لها : النجوم ..
                                قالت لهُ :اكواب حليب تلمع في عيون الفقراء .
                                قال لها : القمر
                                قالت لهُ : بوح الارواح الصامتة .
                                قال لها : القلم ..
                                قالت لهُ : ولا اروع مما قال فيه الشاعر احمد مطر
                                جس الطبيب خافقي
                                و قال لي :
                                هل هنا الألم ؟
                                قلت له : نعم
                                فشق بالمشرط جيب معطفي
                                و أخرج القلم ؟
                                هز الطبيب رأسه ... و مال و ابتسم
                                و قال لي :
                                ليس سوى قلم
                                فقلت : لا يا سيدي
                                هذا يدٌ و فم
                                رصاصةٌ و دم
                                و تهمةٌ سافرةٌ .. تمشي بلا قدم !
                                قال لها :
                                دعيني استذكر بعد .. دعيني ..
                                قالت لهُ : اكمل ..
                                قال لها مُبتسماً :
                                انتِ
                                ابتعدت وقالت لهُ بحروف مُبعثرة : ساجلب لكَ كوب مِن العصير .

                                .

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X